التصعيد في الشرق الأوسط يخلخل ميزان المخاطر في الأسواق العالمية
لندن – رويترز: دخل المستثمرون العام 2024 ولديهم شكوك بشأن المدة التي قد يستمر فيها انتعاش أسواق الأسهم وشكوك أخرى حول موعد تخفيض أسعار الفائدة بالبنوك المركزية، فيما دخل الاتساع المفاجئ لرقعة الحرب في غزة على الخط، وخيم بظلاله على الوضع بما يمكن أن يثير احتمال اتخاذ المستثمرين موقفا يسعون فيه إلى تقليل درجة تعرضهم للمخاطر.
وكانت ردود أفعال السوق محدودة في البداية، أمس، بعد أنباء عن توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات لأهداف عسكرية للحوثيين في اليمن ردا على هجمات الحركة على سفن في البحر الأحمر.
غير أن أسعار النفط ارتفعت بينما هزت التوترات سندات الخزانة الأميركية وأسواق الأسهم بعد الضربات.
وقال محللون، إن المستثمرين سيسعون إلى تقليل التعامل مع الأسواق الأكثر خطورة وزيادة الملاذات الآمنة، في الوقت الذي سينتظرون فيه ليروا كيف سيتطور الوضع في الشرق الأوسط وخاصة ما يتعلق بتعطل إمدادات النفط وحركة التجارة.
وقالت تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجية سوق الصرف الأجنبي في “ساكسو ماركتس” بسنغافورة، “الأسواق في حالة تأهب مع تزايد خطر التصعيد”.
وأضافت، “من المهم جدا مراقبة أي أعمال أخرى من أي من الجانبين، خاصة مع اقتراب عطلة نهاية أسبوع طويلة في الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد مع ظهور تهديد اندلاع صراع إقليمي أوسع. ومع التركيز على المدى القريب على مخاطر التصعيد الجيوسياسي، قد يشهد الين والذهب عمليات شراء باعتبارهما ملاذا آمنا”.
وهناك احتمالات كثيرة. فالضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا هي الأولى على الأراضي اليمنية منذ العام 2016، ما يؤدي إلى تصاعد التوترات لمستويات أعلى في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويهاجم الحوثيون المتحالفون مع إيران، والذين يسيطرون على مناطق كبيرة في اليمن، السفن التي تمر عبر البحر الأحمر منذ أسابيع فيما يقولون، إنه رد على الحرب الإسرائيلية في غزة.
ورغم تصريحات الولايات المتحدة بأنه لا توجد نية لتصعيد التوترات، تعهد الحوثيون بالرد على أي هجوم.
وقال قائد في الحرس الثوري الإيراني في كانون الأول، إن البحر المتوسط قد يُغلق إذا استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في ارتكاب “جرائم” في غزة.
وذكر خون جوه، رئيس الأبحاث المتعلقة بآسيا في بنك “إيه.إن.زد” أن أسعار الشحن ارتفعت بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب اضطرابات الشحن.
وأضاف، “إذا كانت هذه الضربات قادرة على حل المشكلة وتأمين ممرات الشحن مرة أخرى وعودة الأمور إلى طبيعتها، فسيكون ذلك إيجابيا لأننا سنرى عودة أسعار الشحن إلى طبيعتها”.
ومضى قائلا، “القلق من أنه إذا بدأ هذا في التصاعد… فسيتسبب في ارتفاع محتمل لأسعار النفط تحديدا ومزيد من الاضطرابات في ممرات الشحن”.
وألحقت الاضطرابات التي استمرت أسابيع في قناة السويس أضرارا بالشركات بالفعل. ويمر عبر القناة حوالى 12% من التجارة العالمية.
وقال معهد “آي.إف.دبليو” الألماني للاقتصاد، أول من أمس، إن التجارة العالمية تراجعت بنسبة 1.3% في الفترة من تشرين الثاني إلى كانون الأول 2023، لأن هجمات المسلحين تسببت في انخفاض كمية البضائع المنقولة في منطقة البحر الأحمر.
وأرسلت شركات شحن عملاقة مثل “ميرسك” و”هاباج لويد” سفنها في رحلات أطول وأكثر تكلفة عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا. ونصحت مجموعة “دي.إتش.إل” الألمانية العملاقة للخدمات اللوجستية العملاء بإدارة المخزونات بشكل مختلف.
ويؤثر الارتفاع في تكاليف الوقود والشحن بشكل مباشر على نحو أكبر في توقعات السوق بشأن ارتفاع سوق الأسهم، التي تقوم على آراء بأن الاقتصاد الأميركي سيتجنب الركود وأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) والبنك المركزي الأوروبي وبنوكا عالمية أخرى ستخفض أسعار الفائدة هذا العام.
وقال روب كارنيل، رئيس الأبحاث المتعلقة بآسيا والمحيط الهادي في “آي.إن.جي” عن الضربات الجوية، “ستكون هناك عودة مرة أخرى إلى العزوف عن المخاطرة. لم يتطور هذا بالكامل إلى وضع العزوف عن المخاطرة على النحو الملائم”.
وأضاف، “أعتقد أن الناس تبحث عن القليل من الأمان في الوقت الحالي. وبالتالي في ظني أن سوق السندات ربما تكون أوضح مؤشر على الاتجاه الذي تسير إليه الأمور”.
وارتفعت أسعار النفط التي تعبر عنها العقود الآجلة لخام برنت 9% منذ منتصف كانون الأول، وقفزت 4% لتتجاوز 80 دولارا للبرميل، أمس، وكان الذهب وعائدات السندات أكثر هدوءا.
وتتزحزح عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بالكاد لتبقى أقل قليلا من 4%. وأدت التوقعات بخفض أسعار الفائدة إلى هبوط العوائد نقطة مئوية كاملة في حوالى شهرين.
وقال جوش كراب رئيس إدارة الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي بشركة “روبيكو” في هونغ كونغ، “من المرجح أن يكون للتصعيد الكبير تأثير ملحوظ على السوق”، لكن “نتمنى أن تكون احتمالات ذلك ضعيفة”.
Average Rating